بدايةً، خِلتُ الأمر مجرد فورة “تكتوكية” تحطب بليل من هنا وهناك؛ لتكثير التابع وما يتبعه. لكن توالي اللوحات، وقد بدت تركيةً ممغَربةً – بل مُرَيّفةً – جعلني أتقصى:
هل هذا الذي أرى في شاشاتي وقع فعلًا ورآه الناس في حاضرة ازغنغان التي أعرف؟
هل الذي وقع رأته الدولة المغربية ممثلةً بمؤسساتها الأمنية في الإقليم والجهة؟
مع الأسف، نعم؛ كان عرسًا، وحيث يُنتظر الفرح وتشرئب الأعناق إلى رقصات الساق وهي تلتف بالساق، وإلى العريسين وهما في بيعة سلطانية أسرية تتمناها كل شابة وشاب، وكل الآباء والأمهات لفلذات أكبادهم؛ وحيث يُنتظر ما يخفف على النفوس، ولو مؤقتًا، وطأة الأزمة المعيشية في حاضرة ودعت عصرها الذهبي، تراءت الرهبة وتوقَّع الناس الشر وهم ينظرون إلى توثب شباب سود الملبس والأقنعة، يتأبطون شرًا ظاهرًا لَمَّاعًا ومُفْرَقَعًا..
أما المراكب فمن جنس الراكبين وسوادهم وغموضهم.
رباعيات الدفع، ملياريات الثمن، داكنات اللون، وبنوافذها سواعد مفتولة مدجَّجة أحيانًا بأسلحة، ومحاطة بطوق من الحراس الشباب الراكضين.
يَحْرُسون مَنْ؟ ضد مَنْ؟
الله أعلم، لكن لا يمكن ألا تعلم الدولة، وهي قوية الحضور في مناطق حدودية بالغة الحساسية.
واكتمل المشهد الهوليودي الهالويني بمفرقعات قوية، بل وبطلقات نارية من أسلحة صيد ظاهرة.
أين العريس؟ أين المحروسة العروس؟
ابحث في اللوحات المعروضة في المنصات، وحاول أن تحدد من هو؟ ومن هي؟
هذا الذي يُغير على ازغنغان في عرسه بكتيبة شبه عسكرية مدجَّجة بالمال والسلاح، وبكل مظاهر الرهبة، لا يمكن أن يكون مجرد شاب فرح بليلته وعروسه حد الثمالة.
لو كانه – عريسًا سعيدًا فقط – لملأ سماء ازغنغان زغاريد، ولزين شوارعها زهورًا وشابات راقصات؛ ولأحضر حتى شهرزاد من جوف الأسطورة لترقص له وتقص عليه أحسن القصص.
لو كانه، وهو ذو مال جامح، لعَرَّس معه كثيرًا من الشبان والشابات المحرومين من مال الزواج وسقفه.
لا، كل مظاهر البلطجة والترهيب توحي بأنه ثري يتعاظم على مدينته المتواضعة بنخوة ليلة لا يملك فيها غير المال، يظهر به كنار على علم.
لكن من أين كل ما ظهر من مال، والشاب دون الثلاثين؟
مرة أخرى، الله أعلم، ولعل الدولة تعلم..
أما الدليل فهو غيابها كليّة عن ركح لَعْلع فيه الرصاص، واتشح فيه الفتية بالسواد، وتأبطوا ما تأبطوا من شرور.
من أين هذه الدرجة الصفر من الحضور الأمني الظاهر؟
من أين ثقة الأصبع وهو يضغط على الزناد؟
عدا هذا من مظاهر البذخ في القاعة القصرية لا يهمني، إذ الدستور يضمن الحريات، حتى ما يتعلق منها بالإنفاق..
لكن من المال الحلال، وهذه حكاية أخرى.
أما بعض المحسوبين والمحسوبات على الفن، فأدعوهم للوقوف على مظهرهم ومظهرهن، والمال المبهم يتقاطر على الرؤوس شلالًا، الله أعلم بمنابعه؛ وهي على كل حال ليست منابع أم الربيع، إذ لا ربيع في ازغنغان.
وتتناقل الأخبار أن الفرقة الأمنية الوطنية، وهي عتيدة، حلَّت بالناظور لتعرف حقيقة ما جرى.
ولتعرف لم كانت الدولة هي الغائب الكبير عن عرس موسى؟
وحبذا لو أحصت أيضًا حضور أعلام غير وطنية.
وفي النهاية، يبقى العريس بريئًا حتى تثبت إدانته بما لا أدري..
فلينفق كل ذي سعة من سعته، لكن عملة التسيب والترهيب غير مقبولة إطلاقًا.
The post عُرس موسى appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.





