شرح خبراء في الشأن الرقمي الفوارق بين مستخدمي الهواتف الذكية بالمغرب التي أعقبت الإطلاق الرسمي للجيل الخامس من الإنترنيت، إذا اصطدم مستخدمو “هواتف متقدمة” بغياب هذه الخدمة مقارنة بمستخدمين آخرين.
وفسر الطيب الهزاز، خبير في الأمن المعلوماتي، الأمر بكونه “لا يرتبط غالبا بضعف هذه الأجهزة، بل بمجموعة عوامل تقنية تتعلق بالشبكة نفسها وبطريقة إعداد الهواتف”.
وقال الهزاز لهسبريس إن “شبكات G5” ما زالت في مرحلة انتشار تدريجي، مع تركيز أولي للتغطية في بعض الأحياء والمدن الكبرى فقط، ما يجعل جزءا كبيرا من المستعملين داخل وخارج هذه المدن يبقون عمليا على “G4” حتى لو كانت هواتفهم تدعم الجيل الخامس من الناحية النظرية.
وأضاف: “ثم إن الجيل الخامس لا يشتغل على أي هاتف يدعم G5 كيفما كان، بل يجب أن يكون متوافقا مع الترددات الراديوية التي اعتمدها المغرب، خاصة في نطاقي 700 ميغاهرتز و3.5 جيغاهرتز؛ حيث كثير من الأجهزة المستوردة عبر السوق الموازية، أو الموجهة أصلا لأسواق أخرى، لا تدعم كل هذه الترددات أو تحتاج إلى تحديثات برمجية من الشركات المصنّعة لتفعيل G5 مع المتعاملين المحليين. وهذا يعني أن المستعمل قد يتوفر على هاتف متقدم، لكن الجهاز لا يتعرّف تقنيا على إشارة الجيل الخامس في بلده”.
إلى جانب ذلك، أورد الخبير الرقمي أن الاستفادة من “G5” تتطلب “توافر مجموعة شروط في آن واحد: تغطية فعلية في المنطقة، هاتف متوافق، تحديث برمجي مفعّل، وإعداد صحيح لنمط الشبكة داخل الهاتف”، مشيرا إلى أن غياب واحد من هذه العناصر كافٍ كي يبقى المستخدم على G4، وهو ما يفسر الانطباع السائد بأن الجيل الخامس لا يشتغل” رغم أنه موجود فعليا لكن في مرحلة انتقالية.
وزاد: “أما بخصوص انتشار الهواتف الضعيفة أو منخفضة الكلفة، فهو يعكس بالفعل ضغوطا ملموسة على القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المغاربة، خاصة إذا قارنّا أسعار الهواتف الرائدة التي قد تتجاوز عدة آلاف من الدراهم بمستوى الأجور المتوسطة والدنيا. غير أن الصورة ليست صرف اقتصادية؛ فجزء من المستهلكين يختار عن وعي هواتف بسيطة لأن استعمالهم اليومي يقتصر على تطبيقات المراسلة والشبكات الاجتماعية، ولا يحتاج إلى قدرات عالية أو إلى G5 أصلا. بذلك، يصبح انتشار الهواتف ‘الاقتصادية’ في المغرب نتيجة تزاوج بين هشاشة القدرة الشرائية من جهة، وعقلنة الاستهلاك الرقمي من جهة أخرى”.
من جهته، قال طارق حيدر، أستاذ جامعي بمراكش خبير في الأمن المعلوماتي مهندس في الشبكات والاتصالات، إن “المملكة المغربية أعطت الانطلاقة لهذه التكنولوجيا، لكن العديد من المواطنين لاحظوا أن خدمة الجيل الخامس لا تعمل في هواتفهم”.
هذا الأمر، يضيف حيدر في تصريح لهسبريس، “يرجع إلى أسباب تقنية وإدارية عدة. فمثلا، من الناحية الإدارية، هناك عدم إطلاق رسمي وواسع لشبكة الجيل الخامس في المغرب. بمعنى أنه رغم أن شركات الاتصالات قامت بتجارب تقنية، إلا أن الترخيص التجاري الرسمي من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات لم يُفعّل بعد على نطاق وطني شامل”.
وشرح أن “الشبكة لا تبث تكنولوجيا الجيل الخامس إلا في نقاط محدودة جدا ومخصصة للتجارب فقط. كذلك يمكن أن تكون الهواتف غير مفعّلة محليا. فبعض الشركات، مثل سامسونغ أو آبل، تمنح دعما مبرمجا فقط في الدول التي أُطلقت فيها الخدمة رسميا”.
وزاد: “حتى وإن كان الهاتف ذكيا ويدعم الجيل الخامس من الناحية التقنية، فهو يحتاج إلى تحديث برمجي من الشركة ليعمل في بلد معيّن. وهناك أيضا مشكل اختلاف الترددات المستعملة في المغرب؛ إذ قد يدعم الهاتف ترددا مختلفا عن الذي تستخدمه الشركات المغربية، مما يؤدي إلى عدم التوافق حتى عند تفعيل الخدمة”.
وختم حيدر تصريحه قائلا: “أما بخصوص انتشار الهواتف الضعيفة، فهو بالفعل يعكس هشاشة القدرة الشرائية لدى المواطنين، لأن الهواتف المتقدمة التي تدعم الجيل الخامس ثمنها يقارب 4000 أو 5000 درهم، وهو مبلغ كبير مقارنة بدخل المواطن البسيط. لذلك يقتني أغلب الناس هواتف متوسطة أو منخفضة الثمن، إضافة إلى ضعف الوعي التقني وانتشار السوق الرمادية التي تُباع فيها هواتف مستعملة أو غير موجهة رسميا للمغرب، مما يؤدي إلى غياب دعم بعض الميزات مثل الجيل الخامس”.
The post مغاربة يشتكون غياب “أنترنيت الجيل الخامس” .. وخبراء يعددون الأسباب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.





