نشطاء يدعون إلى فتح تحقيق في إمكانية تسويق “دقيق الورق” بالمغرب

اعتبر تنظيمان مغربيان يهتمان بحماية المستهلك والدفاع عن حقوق الإنسان أن ما كشف عنه أحمد التويزي رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أمس الثلاثاء، بشأن طحن شركات الورق وتقديمه كدقيق مدعم “للفقراء” المغاربة، يستدعي “تحقيقا رسميا من النيابة العامة، لا سيما أن هذه الممارسات، إن صحّت، تمسّ جوهر العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن”.

اتهامات التويزي واجهتها الفيدرالية الوطنية للمطاحن، في تواصل لرئيسها مع هسبريس، “برفض واسع”؛ غير أن التنظيمين المدنيين أكدا أن هذه الاتهامات تعيد إلى الواجهة مطلب إعادة النظر، بشكل جذري، في منظومة مراقبة وتوزيع الدقيق المدعم بالمغرب.

تحقيق رسمي

حسن آيت علي، رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، قال إن المرصد يتابع “بقلق بالغ ما أثير مؤخرا من تصريحات خطيرة” حول “طحن بعض الشركات للأوراق وخلطها بالدقيق المدعم”، معتبرا أنها “اتهامات تمسّ سلامة المستهلك المغربي والأمن الغذائي الوطني، وتفرض تدخلا عاجلا ومسؤولا من جميع المؤسسات المعنية لكشف الحقيقة”.

وأضاف آيت علي، في تصريح لهسبريس، أن “المرصد يطالب في هذا الإطار النيابة العامة بفتح تحقيق رسمي واستدعاء الفاعل السياسي المعني (التويزي) للاستماع إليه بخصوص هذه التصريحات الخطيرة، وتمكينه من تقديم الأدلة المادية أو الوثائق التي يستند إليها”، خاصة أن “مثل هذه التصريحات لا يمكن أن تمر بدون تدقيق أو مساءلة”.

ويؤكد المرصد، وفق رئيسه، أن “هذه الاتهامات، إن ثبتت صحتها، تشكل فعلا إجراميا بالغ الخطورة يعاقب عليه القانون المغربي، خصوصا بموجب القانون رقم 28.07 المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، والفصل 540 والفصول التي تليه من مجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالغش وتعريض حياة المواطنين للخطر”.

وأورد المصدر ذاته أنه “إذا تبين أن هذه التصريحات لا تستند إلى معطيات دقيقة أو أدلة ملموسة، فإنها تندرج في إطار الخطاب السياسي الشعبوي الذي يسعى إلى خلق الإثارة وتحقيق مكاسب انتخابية ظرفية على حساب ثقة المواطن في مؤسسات المراقبة وجودة الغذاء”، مسجلا أن ذلك “أمر مرفوض جملة وتفصيلا، لما له من تأثير سلبي على السلم الاجتماعي وثقة المستهلك في السوق الوطنية”.

ودعا المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) إلى “فتح تحقيق ميداني وتقني عاجل داخل مطاحن الدقيق المدعم، وإجراء تحاليل مخبرية مستقلة للتأكد من سلامة المنتوج، مع نشر نتائجها للرأي العام في إطار الشفافية التامة”، مطالبا “فدرالية المطاحن بالمغرب، بصفتها الممثل المهني للقطاع، بأن تخرج ببلاغ رسمي توضيحي تقدم فيه موقفها من هذه الاتهامات، وتوضح الإجراءات المتخذة لضمان جودة منتجاتها، حماية لسمعة القطاع ومصداقيته”.

العدالة والكرامة والدعم

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أوضح أن ما كشف عنه النائب البرلماني أحمد التويزي، “لا يمكن اعتباره مجرد خرقٍ إداري أو تجاوز عرضي محدود زمانا ومكانا، بل هو قضية تمس جوهر العدالة الاجتماعية والأمن الغذائي وكرامة المواطن”.

وأضاف الخضري، في تصريح لهسبريس، أنه “إذا تأكدت هذه الاتهامات، فنحن أمام جريمة اقتصادية متكاملة الأركان، تقوم على تبديد المال العام الموجّه إلى الفئات الهشة، وانتهاك صارخ للحق في الغذاء السليم والآمن، وهو حق مكفول بمقتضى المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والفصل 31 من الدستور المغربي الذي يضمن للمواطنين الحصول على تغذية صحية ومتوازنة”، كما أن الأمر يشكل “عبثا خطيرا بصحة المواطنين واحتقارا لكرامتهم”.

وعدّ الفاعل الحقوقي ذاته أن “المطلوب اليوم تحرك عاجل وشامل على ثلاثة مستويات”، الأول قضائي، من خلال “فتح تحقيق مستقل ونزيه من طرف النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات لتحديد المسؤوليات وترتيب العقوبات ضد كل من تورط في هذه الجرائم المالية أو في تزوير الوثائق المحاسبية”.

المستوى الثاني، وفق الخضري، “فمؤسساتي، عبر الشروع في إعادة هيكلة منظومة الدعم بشكل جذري، من خلال الانتقال من الدعم العيني إلى الدعم المباشر بواسطة السجل الاجتماعي الموحد، لضمان وصول المال العام مباشرة إلى الأسر المستحقة بدون وسطاء أو شركات متطفلة”.

المستوى الثالث، “رقابي، من خلال تفعيل دور البرلمان والمجتمع المدني ووسائل الإعلام في التتبع والمراقبة، وإحداث لجان استطلاع وتقارير دورية حول جودة الدقيق المدعم وطرق توزيعه”، يورد الخضري.
بدوره، دعا المرصد المغربي لحماية المستهلك، على لسان رئيسه، “الحكومة والبرلمان إلى إعادة النظر في منظومة مراقبة وتوزيع الدقيق المدعم، مع تعزيز آليات المراقبة والافتحاص وربط الدعم بالجودة الفعلية للمنتوج”.

The post نشطاء يدعون إلى فتح تحقيق في إمكانية تسويق “دقيق الورق” بالمغرب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

 

Leave a Reply

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert