مرة أخرى يبرهن الغرب أن الخطر الحقيقي الذي يتهدد مجتمعاته ليس في “المسلمين المتطرفين” كما يروّج خطاب الكراهية، بل في أبنائه الذين يتغذّون على النازية الجديدة والعنصرية العمياء.
مراهق في اسكتلندا، لم يبلغ بعد سنّ الرشد، خطط لإحراق مسجد متأثرًا بالزعيم النازي هتلر والمتطرف النرويجي بريفيك، حاملاً حقيبة مليئة بالسلاح والذخيرة؛ حكم عليه القضاء بعشر سنوات، لكن الجرح أعمق من مجرد حكم: إنه جرح “الإسلاموفوبيا” التي تزرع الرعب في عقول المراهقين وتحوّلهم إلى مشاريع قتلة.
وفي فرنسا، أرض “الحرية والمساواة والإخاء”، تكشف الأرقام فضيحة أخلاقية: ارتفاع بنسبة 75% في الأعمال المعادية للمسلمين منذ بداية العام، وتضاعف الاعتداءات الجسدية ثلاث مرات. مسلمون يُطعنون في مساجدهم، نساء يُضربن بسبب الحجاب، أطفال يُنعتون بالإرهاب في مدارسهم. هذه ليست إحصاءات، بل صفعات متتالية في وجه جمهورية تدّعي المساواة.
ومع ذلك مازال الإعلام الغربي يختزل “الإسلاموفوبيا” في “حوادث معزولة”، بينما يصف أي فعل فردي يرتكبه مسلم بأنه “تهديد وجودي للأمة”.
أي ازدواجية أفظع من هذه؟ أي نفاق أكبر من اعتبار رصاصة يطلقها مسلم اعتداءًا إرهابيًّا، ورصاصات المتطرفين البيض مجرد انحراف نفسي؟.
الإسلاموفوبيا اليوم لم تعد مجرد نزوة كراهية، بل مشروع سياسي وأيديولوجي، يزرع الخوف ويغذي الانقسام، ويتغذى على صمت السلطات التي تشرعن خطاب العداء تحت لافتة “حرية التعبير”؛ حرية تحولت إلى سيف على رقاب المسلمين، لكنها تصمت حين تتحول الكلمات إلى رصاص وحرائق في بيوت الله.
العدالة الحقيقية لا تكون فقط بسجن المراهق الاسكتلندي أو التحقيق في جريمة مسجد فرنسي، بل بمحاسبة الساسة والإعلاميين الذين صنعوا هذه الكراهية ووجّهوها؛ فما لم يُحاسَب خطاب التحريض فإن كل مسجد سيبقى هدفًا محتملاً، وكل مسلم سيبقى متَّهَمًا حتى يثبت العكس.
لقد آن الأوان أن يُقال بوضوح: الإسلاموفوبيا ليست رأيًا، بل جريمة. ليست حرية، بل عبودية للكراهية. والغرب الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان سيسقط في تناقضه المريع إذا لم يعترف بأن حماية المسلمين وحقهم في العيش بسلام جزء لا يتجزأ من هذه الحقوق.
فإما مواجهة هذا الوحش اليوم، أو القبول بأن يحرق غدًا المساجد ومعها أسس الديمقراطية ذاتها.
The post جرح مفتوح اسمه “الإسلاموفوبيا” .. الوجه الآخر للتطرف في الغرب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.





