إعادة هيكلة آليات الرقمنة في المراقبة ترفع مؤشرات “دركي الصرف”

مكنت إعادة هيكلة آليات المراقبة مكتب الصرف من رفع كفاءة تدخلاته الرقابية وتحصين السوق المالية ضد عدد من الخروقات والمخالفات، إذ استند إلى مقاربة حديثة تقوم على الرقابة الوثائقية (عن بعد) والرقابة الميدانية (في المكان)، معززة بالأدوات الرقمية والتحليل الذكي للمعطيات المالية.

وسجل التقرير السنوي الصادر عن مكتب الصرف في هذا الشأن معالجة ما مجموعه 2469 ملفاً تتعلق بعمليات صرف مع الخارج بلغت قيمتها الإجمالية 53.4 مليار درهم السنة الماضية، مقابل 68.5 مليار درهم سنة 2023، في إطار عمليات الرقابة على الوثائق، فيما أسفرت هذه العمليات عن اكتشاف 206 ملفات مخالفة، بلغت القيمة الإجمالية للمخالفات المرتبطة بها 4.28 مليارات درهم.

وتمحورت المخالفات المسجلة حول تكوين أصول في الخارج دون ترخيص مسبق من مكتب الصرف، وعدم إرجاع مداخيل الصادرات من السلع والخدمات، وكذا عدم تحويل عائدات الاستثمارات الخارجية إلى المغرب، بالإضافة إلى تحويلات غير مشروعة مرتبطة بعمليات استيراد صورية أو مبالغ فيها.

وتوزعت ملفات المخالفات حسب الفاعلين بين 42 في المائة مرتبطة بالشركات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة، و28 في المائة تتعلق بالبنوك ومؤسسات الصرف اليدوي، و30 في المائة تخص الأشخاص الذاتيين، علما أن الرقابة على الوثائق شملت العمليات الجارية والرأسمالية ذات المخاطر العالية في مجال الصرف.

وبخصوص الرقابة الميدانية واصل مكتب الصرف تعزيز هذا النظام من خلال إنجاز 361 مهمة تفتيش في 2024 مقابل 353 مهمة في 2023، بزيادة قدرها 2.3 في المائة، فيما توزعت هذه المهام بين 34.6 في المائة منجزة لدى مقاولات من قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات، وكذا النسيج والتكنولوجيات الحديثة والفلاحة الغذائية، و32.7 في المائة تخص البنوك ومؤسسات الصرف اليدوي، وكذا 32.7 في المائة تتعلق بالأشخاص الذاتيين المرتبطين بامتلاك أصول خارج المغرب.

مكافحة تبييض الأموال

أظهرت بيانات التقرير السنوي لمكتب الصرف برسم 2024 سيطرة على تدبير المنازعات، من خلال تسجيل 129 ملفاً للمنازعات السنة الماضية، مقابل 137 في 2023، ما يعني انخفاضاً بنسبة 5.8 في المائة، وهو ما يعكس فعالية الجهود التوعوية والضبطية المبذولة.

وظهر هذا التوجه أيضا في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ حافظ “دركي الصرف” على التزام مستمر ومقاربة استباقية، من خلال مواصلته تنفيذ مقاربة حازمة انسجاماً مع الالتزامات الدولية ومعايير الشفافية المالية، رغم خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (GAFI) في فبراير 2023.

وفي هذا الإطار فعّل المكتب سنة 2024 خطة عمل شاملة لتأهيل شركات الصرف (SCD) وضمان امتثالها للمعايير الوطنية والدولية، وفق ثلاثة محاور رئيسية، تمثلت في تقييم شامل للمخاطر باستخدام أداة التحليل التابعة للبنك الدولي، في إطار إعداد التقرير الثالث للتقييم الوطني للمخاطر (ENR) الذي صادقت عليه الهيئة الوطنية للمعلومات المالية (ANRF)، والتكوين والتحسيس، من خلال تنظيم دورة تكوينية في 23 فبراير 2024 لفائدة العاملين بمؤسسات الصرف اليدوي لتعزيز فهمهم للالتزامات القانونية؛ إضافة إلى المشاركة في الأعمال الدولية، ولاسيما في إعداد التقرير الخامس للمتابعة المعززة المتعلق بطلب إعادة تصنيف (Re-Rating) المغرب في تقييم مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (GAFIMOAN).

واختتم مكتب الصرف السنة الماضية بإغلاق 151 ملفاً لمؤسسات صرف بعد التحقق من امتثالها التام لمعايير مكافحة غسل الأموال، ما يعكس تحسناً ملموساً في مؤشرات الامتثال والرقابة، فيما عمل بتنسيق وثيق مع بنك المغرب والهيئة الوطنية للمعلومات المالية ووزارة الاقتصاد والمالية على تحديث خريطة المخاطر الوطنية الخاصة بمكافحة غسل الأموال.

كما ساهم المكتب في إعداد التقرير الخامس للمتابعة المعززة للمغرب المقدم لمجموعة GAFIMOAN، ما عزز مكانة المملكة كدولة ملتزمة بالمعايير التقنية والفعالية التشغيلية المعتمدة دولياً.

ترصد العملات المشفرة

اعتمد مكتب الصرف في مراقبته على التكنولوجيات الحديثة للمعلومات، عبر رقمنة المساطر الداخلية، وتطوير قواعد بيانات مترابطة، وتفعيل أدوات التحليل الذكي لاكتشاف المخالفات المالية.

وساهم هذا التحول الرقمي في رفع سرعة المعالجة وجودة المراقبة وتتبع المعاملات، ما جعل الرقابة أكثر دقة وفعالية. كما تم تكوين المفتشين والأطر التقنية بشكل مستمر لمواكبة المخاطر الجديدة، مثل الأصول الرقمية (العملات المشفرة) وعمليات التحويل النقدي بين المجموعات (Cash Pooling)، وذلك بشراكة مع صندوق النقد الدولي (FMI).

ومن خلال هذه المقاربة المندمجة، التي تجمع بين الصرامة في التطبيق والابتكار في الوسائل، أكد مكتب الصرف السنة الماضية موقعه كفاعل رئيسي في حماية الاقتصاد الوطني وضمان شفافية التعاملات المالية مع الخارج.

وجعلت إستراتيجية الإشراف القائمة على الصرامة والنجاعة والكفاءة المكتب نموذجا يحتذى به في المنطقة في مجال الرقابة المالية والامتثال الدولي، وأسهمت في تعزيز الثقة في الاقتصاد المغربي وترسيخ صورة المغرب كبلد منفتح، مسؤول ومطابق للمعايير العالمية في مجال محاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

The post إعادة هيكلة آليات الرقمنة في المراقبة ترفع مؤشرات “دركي الصرف” appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

 

Leave a Reply

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert