جوائز “الكاف” تُسائل الصافرة المغربية

على الرغم من الحضور الوازن للمغرب في حفل جوائز الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف” الذي احتضنته الرباط أمس الأربعاء، من خلال تتويجات فردية وجماعية تاريخية، إلا أن بريق النجاح المغربي اصطدم بواقع صادم على مستوى التحكيم، الذي ظل خارج التصنيف وبعيدا عن دائرة التتويج. وهو ما يثير علامات استفهام كبيرة حول هذا الواقع المرير للصافرة الوطنية التي تُثير الجدل نهاية كل أسبوع.

هذا الغياب غير المبرّر يطرح أسئلة ملحة حول وضع التحكيم المغربي، ومدى قدرته على مجاراة التطور السريع الذي يشهده التحكيم الإفريقي والعالمي، في وقت باتت فيه الصافرة الوطنية تتفنن في الأخطاء رغم حضور جهاز “الفار” الذي لم يجد بعد طريقه للنجاعة المطلوبة في بلادنا.

تحكيم إقليمي يتقدم… وصفارة مغربية تتراجع

جاء تتويج الحكم الصومالي الدولي عمر عبد القادر عرتن بجائزة أفضل حكم في إفريقيا، إلى جانب تتويج الأوغندية شاميرا نبادا بجائزة أفضل حكمة، ليعكس دينامية جديدة داخل القارة، حيث صعدت أسماء من دول لم تكن محسوبة تقليديا ضمن قوى التحكيم.

وفي المقابل، غابت الأسماء المغربية عن لوائح الترشيحات النهائية، في تأكيد لتراجع واضح في الحضور التنافسي للصافرة الوطنية، وهو أمر كان متوقعا بالنسبة لمتابعي الكرة الوطنية والإفريقية، بالنظر إلى تواضع مستوى التحكيم المغربي في السنوات الأخيرة. وهنا يُطرح السؤال الطبيعي: ما الذي ينقص التحكيم المغربي ليعود إلى واجهة التميز القاري؟

ففي الوقت الذي تحقق فيه كرة القدم المغربية نقلة نوعية على مستوى الأندية والمنتخبات والبنيات التحتية، يظل التحكيم يسير بسرعة السلحفاة، وكأنه خارج مشروع التطور الكروي الذي يعيشه البلد.

النجاح الكروي الوطني لا ينعكس على الصافرة المغربية، التي تبدو اليوم خارج السياق مقارنة بحكام من دول صغيرة من حيث الإمكانيات، لكنها كبيرة في التكوين والتحضير.

وحول أسباب هذا التواضع، قال الخبير التحكيمي محمد الموجه في تصريح خص به “هسبورت”: “هذا الأمر كان متوقعا، ويعبّر بكل صراحة عن تواضع التكوين المحلي بالنسبة للحكام”.

وأضاف: “العام الماضي تُوجت بشرى الكربوبي بجائزة أفضل حكمة إفريقية لعام 2024، لكن لم يتم الاستثمار في هذا الإنجاز من طرف المسؤولين عن التحكيم. أما على مستوى الرجال، فقد قلنا منذ سنوات إن ما بُني على باطل فهو باطل. عندما يغيب التكوين الجيد والعمل الاحترافي والحرص من أهل الاختصاص، فلا يمكن انتظار نتائج مغايرة”.

وتابع الموجه قائلا: “أنا يمكنني القول إنه إذا لم تكن هناك مصالحة مع الذات ووضع أهل الاختصاص في مكانهم الصحيح والعمل بشكل احترافي، فإن هذا التراجع أو الغياب المستحق في الواقع سيستمر”.

وشدد على أن مساءلة التحكيم المغربي ليست ترفا، بل ضرورة، موضحا أن غياب الحكام عن التتويج يعود لعدة أسباب، منها: ضعف التكوين المستمر مقارنة بمدارس أخرى أكثر حركية. إشكالات في تدبير المسار التحكيمي وغياب استراتيجية لتطوير الحكام الواعدين.

الخروج من سباق الجوائز لا يعني فشل التحكيم المغربي بشكل مطلق، لكنه مؤشر سلبي يستدعي التعامل معه بجدية. ويبدو أن المغرب لم يواكب هذا التحول والتطور بالشكل المطلوب. لتأتي جوائز “الكاف” كجرس إنذار ورسالة واضحة مفادها أن قوة كرة القدم المغربية وحدها لا تكفي، فالتفوق ينبغي أن يشمل كل المكونات، ومنها التحكيم الذي يمثل ركنا أساسيا في المنظومة الكروية الحديثة.

غياب اسم مغربي عن جوائز التحكيم في حفل “الكاف” ليس مجرد تفصيل عابر، بل حدث يستوجب النقاش والتقييم. فالمغرب الذي يطمح لقيادة الكرة الإفريقية لا يمكن أن يظل متأخرا في مجال حساس كقطاع التحكيم.

اليوم، جوائز “الكاف” تُسائل الصافرة المغربية، وتدعو إلى مراجعة شاملة وتخطيط استراتيجي يعيدها إلى الواجهة القارية.

The post جوائز “الكاف” تُسائل الصافرة المغربية appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

 

Leave a Reply

Deine E-Mail-Adresse wird nicht veröffentlicht. Erforderliche Felder sind mit * markiert